| 3 التعليقات ]



أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بأنه يجوز إخراج "شنط رمضان"من أموال الزكاة أما موائد الإفطار فلا تكون من أموال الزكاة، ولكن من الصدقات والتبرعات وغيرها من وجوه الإنفاق.

وأوضحت في فتوى لها السبت أن الإنفاق على موائد الإفطار في رمضان التي لا تفرق بين الفقراء والأغنياء إنما هو من وجوه الخير والتكافل الأخرى كالصدقات والتبرعات لا من الزكاة، إلا إن اشترط على صاحب المائدة ألا يأكل منها إلا الفقراء والمحتاجون وأبناء السبيل من المسلمين، فحينئذ يجوز إخراجها من الزكاة، ويكون تقديم الطعام لهم حينئذ في حكم التمليك؛ على اعتبار الإطعام في ذلك قائمًا مقام التمليك، أما شنط رمضان التي يُتَحرَّى فيها تسليمها للمحتاجين فهذه يجوز إخراجها من الزكاة؛ لأن التمليك متحقق فيها.
وأضافت دار الإفتاء في فتواها أن موائد الإفطار المنتشرة في بلادنا -والتي يطلق عليها "موائد الرحمن"-هي بلا شك مظهر مشرق من مظاهر الخير والتكافل بين المسلمين، لكنها طالما جمعت الفقير والغني فإنها لا تصح من الزكاة؛ لأن الله تعالى قد حدد مصارف الزكاة في قوله سبحانه: {إنَّما الصَّدَقاتُ للفُقَراءِ والمَساكِينِ والعامِلِينَ عليها والمُؤَلَّفةِ قُلُوبُهم وفي الرِّقابِ والغارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللهِ وابنِ السَّبِيلِ فَرِيضةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
التوبة:60.،

 ولذلك اشترط جمهور الفقهاء فيها التمليك؛ فأوجبوا تمليكها للفقير أو المسكين حتى ينفقها في حاجته التي هو أدرى بها من غيره، وإنما أجاز بعض العلماء إخراجها في صورة عينية عند تحقق المصلحة بمعرفة حاجة الفقير وتلبية متطلباته.

...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]






أكدت دار الإفتاء المصرية إن القيئ الذي يغلب الإنسان أثناء صيامه، والتبرد بالماء بسبب الحر، ونقل الدم لا يبطلون الصوم.

وأوضحت الفتوى - التى أصدرتها الدار الجمعة - أنه إذا غلب القيئ الصائم من غير تسبب منه لذلك فصيامه صحيح ولا قضاء عليه، ولكن عليه ألا يتعمد ابتلاع شيئ مما خرج من جوفه وألا يقصر في ذلك، فإذا سبق إلى جوفه شيئ فلا يضره.

وأشارت الفتوى إلى أن من تعمد القيئ بنفسه فإن صومه يفسد ولو لم يرجع شيئ منه إلى جوفه، وعليه أن يقضي يوما مكانه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : "من ذرعه القيئ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض".

كما أجازت الفتوى التبرد والاغتسال بالماء للتخفيف من حر الصيف؛ لما روي في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما- "أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يدركه الفجر جنبا في رمضان من غير حلم، فيغتسل ويصوم".

ولما أخرجه الإمام مالك وأبو داود من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر.

وأشارت الفتوى إلى أنه على الصائم أن يحرص على عدم دخول الماء إلى جوفه من الفم أو الأنف، فإذا حصل دخول جزء من الماء في الجسم بواسطة المسام فإنه لا تأثير له؛ لأن المفطر إنما هو الداخل من المنافذ المفتوحة حسا للجوف كما سبق.

أما عن نقل الدم أثناء الصوم فذكرت الفتوى أن جمهور الفقهاء قالوا بأنه لا يبطل الصوم؛ لأن الفطر مما دخل لا مما خرج، وهذا ضابط أغلبي، لكن بشرط أن يأمن الصائم على نفسه الضعف أو الضرر.



...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]



قالت دار الإفتاء المصرية إنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله وبرسوله واليوم الآخر أن يفطر في نهار رمضان جهراً لغير عذر أمام أعين الناس ومشهد منهم، مشيرة إلى أن الذي يفعل ذلك مستهتر وعابث بشعيرة عامة من شعائر المسلمين.

وأضافت الفتوى أن الوسيلة لمحاربة من يجهر بإفطاره في شهر رمضان هي توجيه النصح له بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يتخذ ولى الأمر من الضوابط ما يكفل منع المجاهرين بالإفطار في الشوارع والميادين وكافة الأماكن العامة.

وأوضحت دار الإفتاء أن هذه ليست حرية شخصية ، بل هي نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام لأن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية، وهي حرام فضلاً عن أنها خروج على الذوق العام في بلاد المسلمين، وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته.

وأشارت الفتوى إلى أنه على المسلم إذا ابتلى - بهذا المرض - أن يتوارى حتى لا يكون ذنبه ذنبين وجريمته جريمتين ، وإذا كان غير المسلمين يجاملون المسلمين في نهار رمضان ولا يؤذون مشاعرهم –بعدم الأكل أو الشرب في العلن- فأولى بالمسلم المفطر أن يكون على نفس المستوى من مراعاة شعور الأغلبية الساحقة في الشوارع والمواصلات ومكاتب العمل والأماكن العامة.
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

12-7

صيام رمضان

الصيام هو الإمساك بنيَّةٍ، عن شهوتي البطن والفرج وما يقوم مقامهما، مخالفةً للهوى في طاعة المولى، قبل الفجر، في جميع أجزاء النهار·

الحكمة من الصيام

1- تحقيق معنى التقوى:

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183

2- الصوم يحفظ الجوارح من الوقوع في الحرام:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه)·أخرجه البخاري

قال ابن القيم: " من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم ؛ فإن تكلم لم يتكلم بما يُجرِّح صومه، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه، فيخرج كلامه كله نافعاً صالحاً "

3- الصيام يربي في النفس حقيقة الإخلاص لله عز وجل:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله: كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلاَّ الصِّيام فإنه لي وأنا أَجْزِي بِهِ) أخرجه البخاري·

4- الصيام والصبر :

قال ابن رجب: " الصيام من الصبر، والصبر ثلاثة أنواع، وتجتمع الثلاثة في الصوم، فإنّ فيه صبراً على طاعة الله، وصبراً عمَّا حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبراً على ما يحصُلُ للصائم فيه من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن .

قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10] " .

5- في الصيام تضييق لمجاري الشيطان:

فالصيام يضيق مجاري الدم، التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر ثورة الشهوة والغضب·

6- الصيام يدعو الإنسان لشكر النعم :

إذ هو كفُّ النفس عن الطعام والشراب، ولا يعرف الإنسان قدر هذه النِّعم إلا بعد فقدها، فيبعثه ذلك على القيام بشكرها·

7- الصيام يثير في النفس مراقبة الله عز وجل والخوف منه·

الصيام موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه إلا الله، وهذه المراقبة تكسب الإنسان الحياء منه سبحانه أن يراه حيث نهاه، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله والاستغراق في تعظيمه وتقديسه ما يجلب الخوف منه عز وجل، إن صاحب هذه المراقبة لا
يسترسل في المعاصي، إذ لا يطول أمد غفلته عن الله تعالى، وإذا نسي وألم بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الفيء والرجوع بالتوبة إلى الله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـائِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} الأعراف:201

8- الصيام ينمي في النفس خلق الكرم والعطف على الفقراء:

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل·

9- في الصيام تتجلى وحدة المسلمين:

وتعرف الأُمَّةُ أهمية الوقت: فالصيام يُعَلِّمُها النظام في المعيشة، إذ يفطر جميع المسلمين في منطقة واحدة في وقت واحد، لا يتقدم أحدٌ على آخر دقيقة واحدة·

 

نعمة الصيام

طوبى لصائم استشعر نعمة الصيام فحقق التقوى فصام الشهر واستكمل الأجر أخذ رمضان كاملاً وسلمه للملائكة كاملاً فلا غيبة ولا نميمة ولا أذية للمؤمنين ولا تقاعس عن صلوات أو وقوعاً في محرمات صام فصامت جوارحه وأركانه قانتًا آناء الليل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: :" قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم . والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه "صحيح البخاري.

وفي الصحيحين أيضاً قال صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".

وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ".
وفي البخاري عن سهل بن سعد الساعدي قال : فال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال أين الصائمون ، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلن يدخل منه أحد "

ولا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط وإنما لا بد أن يتأدب بآداب الصوم .
طوبى لصائم حفظ لسانه كما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه ) وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: ( الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم).


طوبى لصائم استشعر نعمة الصيام واغتنم الفرصة فهذه المواسم تمرّ سريعاً، فعلى المسلم أن يغتنمها فيما يعود عليه بالثواب الجزيل، وليسأل الله تعالى أن يوفقه لطاعته والله ولي من استعان به، واعتصم بدينه.


وطوبى لصائم استشعر شهر القرب من الجنان والبعد عن النيران، فيا من ضيع عمره في غير الطاعة، يا من فرط في شهره، بل في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط، وبئست البضاعة، يا من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، قل لي بربك كيف ترجو النجاة بمن جعلته خصمك وضدك، فرب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر والتعب، فكل قيام لا ينهي عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بعد، وكل صيام لا يصان عن الحرام لا يورث صاحبه إلا مقتاً ورداً.


طوبى لقوم إذا سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة، وإذا تليت عليهم آيات الله جلت قلوبهم جلوة، وإذا صاموا صامت منهم الألسن والأسماع والأبصار، أفما لنا فيهم أسوة؟

 

...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]

17

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإنسان دائما ما يحتاج إلى السعادة فى الدنيا والآخرة
والإنسان العاقل هو من يبحث عن الأمرين ليحقق مراده
وسعادته فى الدنيا والأخرة

وتكمن هذه السعادة في

- التجارة مع الله -

وقد سأل الصحابة عن أفضل أنواع التجارة ليعملوا بها
فنزلت الآية الكريمة :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِـ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* ) الصف 10/11
وقد اوضحت اركان التجارة
التي تكمن فى الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليهـ وسلم والجهاد بالمال والنفس.

بعد ايام قليلة سيحل علينا شهر رمضان المبارك، شهر القربات؛ الشهر الذي يتقرب فيه العبد من ربه بالعمل الصالح: بالنوافل وقراءة القرآن والصدقة والتحلي بالخلق الحسن، يجتهد في ذلك ما استطاع لأنه الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات ويجزي الله بصيامه ما لا يجزي في غيره من الطاعات، ولا يعلم قدر جزاء المؤمن به إلا هو سبحانه.

ولقد نعلم من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيره لهذا الشهر واجتهاده فيه بالقيام حتى تتفطّر قدماه، وبالصدقة بحيث يكون أجود ما يكون فيه وقيل كالريح المرسلة لكثرة إنفاقه فيه. وهو القائل ترغيبا في إتيان المسلم أفضل ما يستطيعه فيه: « جاءكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله » رواه الطبراني.

فإذا كانت الآية السابقة الذكر تعم سائر أوقات المؤمن وسائر الشهور من عمره، فإنه أدعى أن يأخذ بها ويأتي بما مدح الله عباده فيها، من التلاوة لكتابه وإقامة الصلاة والإنفاق مما رزقه الله سرا وعلانية في شهر رمضان خاصة لأفضليته على سائر الشهور في العبادة والأجر.

ولقد وصف الله تبارك وتعالى هذه الأعمال بأنها ﴿ تِجَارَة لَنْ تَبُورَ ﴾، ولو وقفنا قليلا عند معاني هذه الكلمات، فسوف نجد أن كلمة “ تجارة “ هنا لا تعني التجارة التي يتداولها الناس بينهم ما بين بيع وشراء، ولكنها تجارة مع الله، وصفها المولى عز وجل بأنها “ لَنْ تَبُورَ “ ولم يقل “ لا تبور” حيث نفى عنها البوار نفيا مطلقا في الزمن، علاوة على نفي كل فساد أو كساد عن مثل هذه التجارة !

ثم تأتي الآية بعدها لتبيّن كيف يكون الربح من تجارة تلك صفاتها، حيث يقول جل وعلا: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ فاطر:30.

فالأجر يكون كاملا وافيا مستوفيا لحسن أعمالهم ويزيد، – وذلك أفضل ما يرجوه التاجر من تجارته !

فإذا نظرنا إلى واقع الناس في رمضان وتعاطيهم للتجارة بيعا وشراء، نرى عجبا من تهافت الناس على الأسواق وأماكن البيع والشراء، بما يستغرق الساعات. ناهيك عما يصيب الباعة من طمع في زيادة الكسب اغتناما لفرصة ذلك الإقبال الزائد للمشترين.

والسؤال إزاء هذا الوضع:

متى سنفقه بأن الصيام هو إمساك عن الطعام والشراب ليس لمجرد الإمساك، ثم الانشغال به والتفكير فيه طيلة ساعات الصيام ؟

وأين نحن من رجاء التجارة التي عند الله، التي لا فساد فيها ولا كساد ولا ضياع ؟

يقول تعالى في سورة النور- مباشرة بعد آية النور! – : ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [36-37-38].

يمكننا على ضوء هذه الآيات أن نقسم الناس من حيث سلوكهم في رمضان إلى فئتين:

• فئة هي من قبيل أولئك الذين يمدحهم الله عز وجل، ممن لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وهنيئا لهم هذا الثناء من الله ثم الأجر والفضل الذي يخصهم به جل وعلا !

• وفئة هم بالضرورة ممن ألهتهم التجارة والبيع عن ذكر الله الذي هو أخص الذكر في رمضان، وعن إقامة الصلاة التي هي من أفضل الصلاة في شهر القيام، وعن إيتاء الزكاة في شهر القربات والصدقات والمسارعة في الخيرات.

ونلاحظ في ختام هذه الآيات ما جاء من حديث عن الجزاء على أحسن الأعمال والزيادة فيه بما يتفضل به المولى تبارك وتعالى على عباده كرما منه وجودا، لتختتم بقوله: ﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾.

ولقد نعلم ما في رمضان خاصة من بركة في الرزق، فهل في ذلك ما يدعو إلى الإفراط في اقتناء الضرورات وغير الضرورات مما ألزم الناس بها أنفسهم إلزاما في هذا الشهر بما لا يقدم في توقير رمضان شيئا ولا يؤخر، ولا يزيد في أجر الصائم ولا ينقص منه شيئا ؟!
لقد أفرطنا في النافلة وفرطنا في الفرض وغالينا في الشكل وتغافلنا عن المضمون – مضمون شهر رمضان المبارك الذي ليست بركته في الرزق، بقدر ما هي في القرآن الكريم الذي أنزل فيه، حيث يقول تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ البقرة:185.

وإنه الشهر المتضمن لتلك الليلة المباركة: ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فالله يذكرنا فيه بأفضل نعمه علينا وأتمها وهي نعمة القرآن؛ بما جعل لنا فيه من خير ورحمة وبركة وفضل، ومن نور وهدى وموعظة وشفاء. وليست قراءته إلا لاستذكار تلك المعاني الجليلة وابتغاء النور الذي فيه لنستنير به من ظلمات الجهل والظن والتقليد للآباء وهوى النفس ووسوسة الشياطين.

ولقد آن لنا أن نفتح قلوبنا للقرآن نستشف منه العبر ونتعظ بالأمثال ونتدبر المعاني ونعمل بالأحكام ونلتزم ونجدد الالتزام بالأوامر وننتهي عن النواهي ونستغفر مما كان ونتوب، في شهر كله مغفرة، فيصفو القلب لتقبل الهدى والنور.

والله يستحثنا ويستعجلنا بقوله:﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ الحديد:16،

فإن لم نخشع في شهر الرحمات في حضرة كلام الرحيم الرحمن، فمتى سنخشع لذكره ونلوذ به ونعود إليه مستسلمين مستأنسين بشهر كله رحمة ونور؟

فالحذر الحذر من اللهو والسهو عن خيرات رمضان، بكافة الملهيات من بيع وشراء وإنفاق لا نفع فيه ! يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ البقرة:254.

ويقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: ﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ ﴾ إبراهيم:31.

فالله تعالى ينبهنا إلى أن الربح ربح الآخرة، والانشغال بالبيع والشراء هنا، الذي كل هم صاحبه الكسب للنفس مع الامتناع عن الإنفاق لا يفيد المؤمن في اليوم الآخر الذي لا بيع فيه.

يقول تعالى في سورة الجمعة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ الجمعة: 9-10-11.

فإن خص هذا التحذير يوما مباركا من أيام الأسبوع هو يوم الجمعة، الذي فرضت فيه صلاة الجمعة وحضور الجماعة للرجال، وإيثار ذلك على التجارة والبيع والشراء، فلا مانع من أن نطبقه على هذا الشهر المبارك من أشهر العام؛ ومنادي الجمعة ينادي إلى الصلاة ومنادي رمضان ينادي للصيام والقيام والصدقة وكل أعمال البر.

ولا غُرو أن ابتغاء الفضل والتماس الرزق والأكل من الطيبات هو من قبيل ما أحل الله لعباده، لكن أن يرافق ذلك كله ذكر كثير، فالله خير رازقا مما نطمع فيه في رمضان من كثير الرزق مالا ونفقة، بيعا وشراء.

جاء في سورة المنافقون: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ . وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ 9-10-11.

والمؤمن يسأل دائما عند قدوم رمضان أن يبلّغه الله إياه حتى لا يفوّت فرصة القرب من الله، بالانقطاع عن المفطرات والملهيات، والإقلاع عن قبيح الأخلاق وسيئ العادات التي التصقت بسلوكه طوال العام؛ فيجدد في نفسه العزم على ترك كل قبيح وتعلم ما هو جميل ونافع، يعينه على ذلك هذا الشهر الكريم بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وتعاون الناس على الخير سواء بالصدقات أو بحضور الجماعات.

إنها دعوات من الله يضمها كتابه الكريم الذي هو مأدبته، كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن هذا القرآن مأدُبة الله في أرضه فاقبلوا مأدبته ما استطعتم »،

يدعونا فيها ربنا إلى تذوق أطباق من الحكم والمواعظ والعبر شتى مما لا يشبع منه العلماء.

ففي رمضان ليست الدعوة دعوة إلى مائدة الطعام عندما يؤَذّن بالإفطار وقد وضعت عليها أنواعا من الأكلات والأطباق الشهية – وإن كان ذلك من قبيل ما أحلّ الله لنا-،

بقدر ماهي دعوة إلى مائدة القرآن تلاوة وتدبرا، وتتبعا بالعمل وعزيمة على الطاعة.

والله يوفقنا لصيامه وقيامه، إيمانا خالصا من نفوسنا واحتسابا للأجر الجزيل عند الله تعالى الذي نحن بحاجة إليه، وهو الغني عنا سبحانه، لا يرجو بفرض الصيام علينا إلا أن ننفض الغبار عن نفوسنا ونتسامى في درجات الخير والإحسان، وهو جل وعلا يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.

فمن منّا سيدخل هذا المشروع العظيم
فهى نعم التجارة الرابحــة
ليفوز برضا الله عز وجل وجنة عرضها السموات والأرض
ورفقة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وصحابته الكرام

اللهم اجعلنا خير من يغتنم موسم رمضان وبقية الحياة .
اللهم أصلح لنا شأننا كله , ولاتكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك .

وكل عام وانتم بخير.

...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]

1

السلام عليكم ورحم الله وبركاتة.

سمعت أننا لا يجوز أن نصوم قبل رمضان ، فهل ذلك صحيح ؟.

الحمد لله

وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان ، إلا في حالين :

الأولى : من كانت له عادة بالصيام ، ومثال من له عادة : أن يكون الرجل اعتاد أن يصوم يوم الاثنين والخميس -مثلاً- ، فإنه يصومهما ولو كان ذلك في النصف الثاني من شعبان .

الثانية : إذا وصل النصف الثاني من شعبان بالنصف الأول .

بأن يبتدئ الصيام في النصف الأول من شعبان ويستمر صائما حتى يدخل رمضان ، فهذا جائز .

فمن هذه الأحاديث :

ما روى البخاري (1914) مسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ) .

وروى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي (590) .

قال النووي :

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ) , فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ , لِمَنْ لَمْ يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله , فَإِنْ لَمْ يَصِلهُ وَلا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام اهـ

وروى الترمذي (686) والنسائي (2188) عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قال الحافظ في فتح الباري :

اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم صَوْم يَوْمِ الشَّكِّ لأَنَّ الصَّحَابِيَّ لا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ اهـ

ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال بسبب الغيم أو نحوه ، وسُمِّي يوم شك لأنه يحتمل أن يكون يوم الثلاثين من شعبان ، ويحتمل أن يكون اليوم الأول من رمضان .

فيحرم صيامه إلا لمن وافق عادة صيامه .

قال النووي رحمه الله في المجموع (6/400) عن حكم صيام يوم الشك :

وَأَمَّا إذَا صَامَهُ تَطَوُّعًا ، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ بِأَنْ كَانَ عَادَتُهُ صَوْمَ الدَّهْرِ ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ جَازَ صَوْمُهُ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا . . . وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ فَصَوْمُهُ حَرَامٌ اهـ بتصرف .

وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لحديث : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ ..) :

واختلف العلماء رحمهم الله في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة ؟ والصحيح أنه نهي تحريم ، لاسيما اليوم الذي يشك فيه اهـ . شرح رياض الصالحين (3/394) .

وعلى هذا يكون الصيام في النصف الثاني من شعبان على قسمين :

الأول : الصيام من اليوم السادس عشر إلى الثامن والعشرين ، فهذا مكروه إلا لمن وافق عادته .

الثاني : صيام يوم الشك ، أو قبل رمضان بيوم أو يومين ، فهذا حرام إلا لمن وافق عادته .

والله أعلم .

 

الإسلام سؤال وجواب

...تابع القراءة

المشاركات الشائعة