| 0 التعليقات ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أين القلوب الذاكرة لله ؟
رجل فى يده مسبحة طويلة ..
أقسم بالله أنه عد عليها «لا إله إلاّ الله» مليون مرة، و«سبحان الله» مليون مرة و«لا حول ولا قوة إلاّ بالله» كذلك، وغير ذلك من العبارات.
ثم وقف وأهداها لأحد العلماء، وقال له:
لو سألتنى أمى إياها ما أعطيتها، ولو سألتنى الحاجة زوجتى إياها وهى مَنْ هى فى قلبى ووجدانى.. ما أعطيتها،
ولكنى أعطيك إياها لمكانتك عند الله، وهى لا تغلو على مثلك.

جلس إليه العالم الجليل، وقال له بهدوء:

أولاً: بارك الله فيك، وجعلنى وإياك من الذاكرين الله كثيراً.
ثانياً: هدية مقبولة، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها، وأسأل الله أن يعيننى على أن أهديك خيراً.

ثالثاً: أنا أعلم لقربى منك أن لك أختاً شقيقة تعيش فى قرية بعيدة، وقد مات زوجها وترك لها خمسة من الأطفال يتامى، وأنك لم تسأل عنها ولا عنهم يوماً فهل ترى هذا العدد من كلمات الذكر نافعاً، أم أن ذكر الله عز وجل يعنى ذكر أحكام شريعته، ومن تلك الأحكام صلة الأرحام، أما علمت أن من وصل رحمه فقد وصله الله، ومن قطعها فقد قطعه الله، وقد قال عز وجل «واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا»، آية النساء، وقال فى آية «محمد»: «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطّعوا أرحامكم». والآية بعدها: «أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم».

فقام ذلك الذاكر،
وجذب - أو جبذ بلغة القدامى على القلب المكانى أو على لغة - المسبحة من يده،
وقال: هات، أعوذ بالله منك،
أترانى من الذين لعنهم الله كنت منذ زمان أشك فيك،
ولكن كنت أكذب ظنى والله إن عداد مثلك فى مصاف العلماء من الجرائم إنك لا تدرى ما فعلت أختى،
ولا ما ارتكبت من جرائم فى حق زوجتى الشريفة العفيفة الحسيبة النسيبة بنت الأصول والأمجاد التى خدمت أمى وأمها كيف كان جزاؤها عندها، وكيف قابلت إحسانها بإساءة واتهمتها فى شرفها وأسمعتها ما تكره، ونالت من أبيها وأمها، يا عمى، حد الله بينى وبينك.

هكذا نرى حال بعض الذين يزعمون ذكر الله عدداً من الكلمات الطيبة،
والمأساة أننا لا وقت عندنا للقراءة والعلم، فنزعم أننا على صواب إذْ حاكينا غيرنا،
ونظن أننا نتقرب إلى الله عز وجل بكلمات نمحو بها كل جريمة ارتكبناها.
وهذا لون من العمى، فالذكر عند العلماء على حذف مضاف فماذا يعنى هذا؟
يعنى أن قول الله تعالى:
«الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله»
معناه: بذكر وعد الله، فحذف المضاف وهو وعد وأقيم المضاف إليه مقامه،
وأن قول الله تعالى: «والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم»
معناه: ذكروا وعيد الله، فحذف المضاف وهو «وعيد» وأقيم المضاف إليه مقامه،
فليس معنى ذكر الله أن تقول
«الله.. الله... الله.. الحى.. الحى.. القيوم.. القيوم» مليون مرة،
وإنما ذكر الله يعنى ذكر ما وعد به من نعيم لأهل الخير، ومن جحيم لأهل الشر،
فإذا بك تذكر ذلك فتهرع إلى الخير وتبتعد عن الشر.
وعندئذ لو قلت بلسانك «لا إله إلا الله» مرة واحدة كفاك،
لأن حالك ينطق بها قبل لسانك، ونحن فى كثير من الأحيان لا نسمع إلاّ لغة اللسان،
تغرنا ونغر بها الناس، أما لسان الحال فنحن عنه فى عمى إلاّ من رحم الله من الذين يبصرون،
فيحكمون على الأعمال لا على الأقوال ساعتها يكون للأقوال صدى فى النفوس لأن الأعمال قد سبقتها، ومهدت لها، فما أطيب أن تذكر الله بقلبك فإذا الجوارح تمضى فى طاعته ولا بأس أن تُرطب لسانك بذكره،
عسى أن يطهره الذكر من اللغو،
واللغو لا خير فيه.

عدد التعليقات على:" أين القلوب الذاكرة لله ؟" : "0"

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة