| 0 التعليقات ]

السؤال : ‏ ماحكم الصلاة مع الراديو أو آلة من الآلات المتصلة بالإذاعة التي يسمعونها من الراديو، وهم في أبعد مكان‏؟‏

الجواب :‏
إن نصوص الكتاب والسنة قد دلت على وجوب أداء الصلوات الخمس في جماعة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏ سورة النساء، الآية 102‏]‏
 فأمر سبحانه بأداء فريضة الصلاة جماعة في أحرج الأوقات، ورخص في ترك بعض أركانها محافظة على صلاتها في جماعة مع مصلحة الجهاد، فدل ذلك على وجوب الجماعة، ودل على وجوبها جماعة في المسجد حديث‏:‏ ‏(‏همَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق على قوم يتخلفون عن أدائها جماعة في بيوتهم‏.‏‏.‏‏)‏،
لكن حال دون التنفيذ ما في البيوت من النساء والذرية، ممن لا يجب عليهم حضور الجماعة بالمسجد، وإذاً ينبغي عمارة المسجد بها ، ويؤيد ذلك عموم قوله تعالى‏:
‏ ‏{‏ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون * إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين‏}‏ ‏[‏ سورة التوبة، الآيتان 17،18‏]‏
 وعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة‏}‏ ‏[‏سورة النور، الآيتان 36 ،37‏]‏
 فبين سبحانه أن عمارة المساجد ببنائها وإعلاء شأنها وذكر الله فيها عموماً، وأداء الصلوات فيها خصوصاً من سمات المؤمنين، وحثهم على ذلك ووعدهم عليه الثواب الجزيل‏.‏ وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله‏:‏ الرجل المعلق قلبه بالمساجد‏.‏ وثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال‏:‏ «هل تسمع النداء بالصلاة‏؟‏» قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ «فأجب»‏.‏

وثبت فيه أيضاً عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته‏:‏ لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف‏)‏‏.‏

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ماكانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون‏:‏ اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، مالم يحدث»،
 وثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ فتوجعنا له، فقلت له‏:‏ يا فلان لو أنك اشتريت حماراً يقيك من الرمضاء ويقيك من هوام الأرض، قال‏:‏ أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ فحملت به حملاً حتى أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال‏:‏ فدعاه، فقال له مثل ذلك، وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إن لك ما احتسبت»‏‏ ‏.‏

وثبت عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال‏:‏ ‏‏خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم‏:‏ «إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد» قالوا‏:‏ ‏نعم يارسول الله، قد أردنا ذلك‏‏، فقال‏:‏ «يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم» إلى غير ذلك مما في معنى هذه الأحاديث، فإنها تدل على أنه ليس المقصود الأمر بمطلق أداء الصلاة جماعة فقط، بل الأمر بأدائها جماعة في المسجد إقامة لهذه الشعيرة في بيوت الله، وتنزهاً عن صفات المنافقين في التخلف عنها، ورجاء المثوبة والأجر، والمغفرة من الذنوب، ورفع الدرجات بما يمشيه إلى بيت الله تعالى من الخطوات، وتعرضاً لدعوات الملائكة له بالرحمة والمغفرة مادام في مصلاه لا يمنعه من انصرافه منها إلا انتظاره للصلاة‏.‏ ومن صلى في بيته أو مزرعته أو متجره جماعة مع إمام المسجد على صوت المذياع مثلاً وتخلف عن شهود الجماعة في بيت الله دل ذلك على فتوره عن امتثاله أوامر الشريعة، وصدوده وعزوف نفسه عما يضاعف له به الحسنات، ويرفعه الله به إلى أعلى الدرجات، ويغفر له به السيئات، وخالف الأوامر الدالة على وجوب أدائها في المساجد، واستحق الوعيد الذي تُوعِّد به المتخلفون عن شهود الجماعة في المساجد‏.‏

ثم إنه قد تقع صلاته على أحوال لا تصح معها صلاته، عند جماعة من الفقهاء، مثل كونه منفرداً خلف الصف مع إمكان دخوله في صف لو كان بالمسجد، وكونه أَمَام الإمام، وقد يعرض مالا يمكنه معه الاقتداء بالإمام كخلل في جهاز الاستقبال أو الإرسال، أو انقطع التيار الكهربائي، وهو في أمن من هذا؛ لو صلى في مكان يرى فيه الإمام والمأمومين‏.‏

بهذا نرى أنه لا يجوز أن يصلي في بيته منفرداً أو في جماعة مستقلة عن جماعة المسجد أو مقتدٍ بإمام المسجد عن طريق الإذاعة‏.‏

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ‏.‏

السؤال :
 نسأل عن صلاة المرأة في بيتها على الراديو أو على التلفزيون، إذا كانت تسمع القراءة وتسمع التكبير، مثال‏:‏ إذا كان فرض أو نفل، ومثال‏:‏ إذا كان في الوطن الذي هي فيه أو شاسع مثل الرياض من عين دار والمسافة تقرب من 350 كيلو متر، أفيدونا ؟

الجواب‏:‏ لا تجوز، سواء كانت فرضاً أم نفلاً، ولو سمعت قراءة الإمام وتكبيره‏.‏

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو/ عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة/ عبدالرزاق عفيفي
الرئيس/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز





عدد التعليقات على:" حكم الصلاة على المذياع" : "0"

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة