| 0 التعليقات ]



الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين

ثم أما بعد :

أحبائي في الله

ان ما تعانيه اليوم في مجتمعاتنا من المحن وتتابع الفتن واستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذالك إلا بسبب فقد الحياء من الله.

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء". رواه الترمذي

قال المباركفوري في شرح الحديث: قوله: "استحيوا من الله حق الحياء" أي: حياء ثابتاً ولازماً صادقاً . قال المناوي: وقيل: أي اتقوا الله حق تقاته. "قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي" ولم يقولوا: حق الحياء اعترافاً بالعجز عنه، "والحمد لله" أي: على توفيقنا به، "قال: ليس ذاك" أي: ليس حق الحياء ما تحسبونه، بل أن يحفظ جميع جوارحه عما لا يرضي، "ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس" أي: عن استعماله في غير طاعة الله، بأن لا تسجد لغيره، ولا تصلي للرياء، ولا تخضع به لغير الله، ولا ترفعه تكبراً، "وما وعى" أي: جمعه الرأس من اللسان والعين والأذن عما لا يحل استعماله، "وتحفظ البطن" أي: عن أكل الحرام، "وما حوى" أي: ما اتصل اجتماعه به من الفرج والرجلين واليدين والقلب، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف، وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي، بل في مرضاة الله تعالى، "وتتذكر الموت والبلى" بكسر الباء من بلى الشيء إذا صار خَلِقاً متفتتاً يعني: تتذكر صيرورتك في القبر عظاماً بالية، "ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا" فإنهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء، قاله القارئ.

فهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالصحة والمال والأولاد والحياة الرغيدة ثم هو لا يعرف لله قدراً بأن يشكر نعمته عليه بإقامة الصلاة وإخراج الزكاة، فيدعوه داعي الفلاح في اليوم خمس مرات ثم هو لا يستحي فيجيب دعوة صاحب الفضل عليه، وهو الله سبحانه وتعالى.

وهل استحيا من الله حق الحياء رجال ونساء يجاهرون بمعصية الله ليل نهار في الطرقات وفي مجامع الناس والحفلات والأفراح، فيقابلون نعم الله بمعصيته فلا حياء منه سبحانه ولا حياء من خلقه.

وهل استحيا من الله حق الحياء من أدخل إلى بيته تلك الفضائيات التي ما عادت تخدش الحياء وإنما تكسره ينظر إليها هو وبناته وأبناؤه.

فأي حياء يبقى حين تشاهد البنت فاجراً وفاجرة في مشاهد فسق يخجل منها الرجل الهرم فكيف بالشباب والشابات.

وهل استحيا من الله حق الحياء نساء لا رقيب عليهن من الرجال العقلاء، دفقن ماء الحياء من وجوههن يتسكعن في الأسواق والطرقات، يخالطن الرجال بحجاب مخرق يكشف أكثر مما يستر، متطيبات متبخترات يغرين ضعاف النفوس وعديمي الحياء والمروءة، فكم قتلن من فضيلة وكم هتكن من ستر، وكلٌ مسؤول عن رعيته.

وهل استحيا من الله حق الحياء من يأكل أموال الضعفة من المسلمين من اليتامى والعمال مع إنعام الله عليه بكثرة الأموال أو ذاك الذي يستدين الأموال ثم هو يماطل في ردها مع قدرته على ذلك فينكر الجميل ويتعرض لسخط الله.

وهل استحيا من الله حق الحياء من إذا خالط الناس أظهر لهم الحسن، وإذا خلى بربه أظهر له القبيح فينتهك محارم الله.

وهل استحيا من الله حق الحياء من يعامل الناس والأصحاب بمكارم الأخلاق ثم هو يبخل بها على والديه وزوجته وأولاده، فلا يجدون منه إلا الفظاظة والغلظة والبخل.

وهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالمال الكثير ينفقه يميناً وشمالاً في شهواته ثم هو حين يدعى للإنفاق في سبيل الله يبخل فإنما يبخل على نفسه.

وهل استحيا من الله حق الحياء ذاك الذي شغف بالأغاني الماجنة يزعج الناس في طرقاتهم ومنازلهم أو ذاك المدخن الذي يدخن في مجامع الناس ينفث الدخان في وجوههم أو ذاك الذي ضيع أبناءه بلا تربية ولا خلق، يسيحون في الأرض يؤذون المسلمين، فإذا نصح أو نبه قابلك بالإساءة والتأفف.

إن الذي حمل هؤلاء وغيرهم على النزول إلى هذه المستويات الهابطة من الأخلاق هو ذهاب الحياء ..
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
صحيح البخاري

اللهم إنا نسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن واهدنا لأقوم الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها يا رب العالمين.

عدد التعليقات على:" هل ضاع الحياء ؟؟" : "0"

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة