| 0 التعليقات ]




 

لو علمتم مافاتكم بسبب الذنوب والمعاصي لتحسرتم عليه

قال أبن القيم الجوزية - رحمه الله –

حول أثر الذنوب والمعاصي على الفرد
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة , والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه الا الله .
1- منها حرمان العلم :
 فإن العلم نور يقذفه الله في القلب . والمعصية تطفيء ذلك النور .
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه ..
فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه
بظلمة المعصية

 

2- ومنها حرمان الرزق
 وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق .
فترك التقوى مجلبة للفقر .
 فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .
3- ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله :
لاتوازنها ولاتقارنها لذة أصلاً , ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة , وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة
فدعها إذا شئت واستأنسِ .وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان .

4- ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس :
ولاسيما أهل الخير منهم , فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ,
 وكلما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم , وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم , وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بَعُدَ من حزب الرحمن , وتَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم .
فتقع بينه وبين إمرأته وولده وأقاربه .
 وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه .
 وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق دابتي وإمرأتي .

5- ومنها تعسير أموره عليه :
 فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه ,أو متعسراً عليه ؛
وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا ,
فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا . ويالله العجب !
كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه
وهو لا يعلم من أين أُتيَ .

6- ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة :
يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ بظلمة الليل البهيم ,
إذا ادلهم , فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ,
فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة , وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته ,
حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ,
كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده

7- ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن :
 أما وهنها للقلب فأمر ظاهر . بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية ,
وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه , وكلما قوى قلبه قوى بدنه ,وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى .
البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكونإلى نفسه .
وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم ,أحوج ما كانوا إليها ,
وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم .


8- ومنها حرمان الطاعة :
 فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بَدَلَه ,
ويقطع طريق طاعة أخرى , فينقطع عليه بالذنب طريق ثالث, ثم رابعة وهلم جرا ,
9- ومنها أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته : 
 فإن البركما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر . وقد اختلف الناس في هذا الموضع
 فقالت طائفة : نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه .
وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي .
وقالت طائفة : بل ينقص حقيقة , كما ينقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده ,
وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده .
قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب .
فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والسقم والمرض والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الله عز و جل فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها .
وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة ,
وهي حياة القلب . ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي ,
كما قال تعالى ( أمواتٌ غيرُ أحياء ) النحل 12 – فالحياة في الحقيقة حياة
القلب وعمر الإنسان مدة حياته , فليس عمره إلا أوقات حياته بالله ,
فتلك ساعات عمره , فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات
التي هي حقيقة عمره ولا عمر له سواها .
يوم يقول ( يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) الفجر 24 –

10- منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا :
 حتى يَعٌزُّ على العبد مفارقتها والخروج منها ,
 كما قال بعض السلف :
أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها , وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ,
نضيف بعض الأبيات الرائعة للإمام الشافعي يرحمه الله
شكوت إلى وكيع سؤ حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نــور ونور الله لا يهـدى لعاصي

عدد التعليقات على:" لو علمتم مافاتكم بسبب الذنوب والمعاصي لتحسرتم عليه" : "0"

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة