| 12 التعليقات ]

الألعاب بين الحلال والحرام 



قرأت الحديث القائل : "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ" وقرأت - في معناه - بأن اللعب بالزهر (النرد) حرام . وحضرني تساؤل هام ، وهو : هل كل أنواع الألعاب حتى ولو كانت مفيدة ، خاصة وأن هناك ألعاباً إسلامية تعتمد على النرد ، هل كل هذه الألعاب محرمة ؟ أم أن التحريم مقيد ببعض الألعاب الخاصة ؟ الرجاء التفصيل في شرح تلك القضية .

الحمد لله

الألعاب قسمان :

القسم الأول : ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله، سواء أكان جهاداً باليد (القتال)، أو جهاداً باللسان (العلم) ، مثل : السباحة، والرمي، وركوب الخيل ، وألعاب مشتمللة على تنمية القدرات والمعارف العلمية الشرعية ، وما يلحق بالشرعية . فهذه الألعاب مستحبّة ويؤجر عليها اللاعب متى حَسُنت نيَّته ؛ فأراد بها نصرة الدين ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( ارموا بني عدنان فإن أباكم كان رامياً ) . فيقاس على الرمي ما كان بمعناه.

القسم الثاني : ألعاب لا تُعين على الجهاد ، فهي نوعان :

النوع الأول : ألعاب ورد النص بالنهي عنها ، كلعبة (النردشير) الواردة في السـؤال فهذه ينبغي على المسلم اجتنابها .

النوع الثاني : ألعاب لم يرد النص فيها بأمر ولا نهي، فهذه ضربان :

الضرب الأول : ألعاب مشتملة على محرّم ، كالألعاب المشتملة على تماثيل أو صور لذوات الأرواح، أو تصحبها الموسيقى، أو ألعاب عهد الناس عنها أنها تؤدي إلى الشجار والنزاع، والوقوع في رذائل القول والفعل، فهذه تدخل في ضمن المنهي عنه؛ لملازمة المحرم لها ، أو لكونها ذريعة إليه . والشيء إذا كان ذريعة إلى محرّم في الغالب لزم تركه .

الضرب الثاني : ألعاب غير مشتملة على محرّم ، ولا تؤدي في الغالب إليه ، كأكثر ما نشاهده من الألعاب مثل كرة القدم ، الطائرة ، تنس الطاولة ، وغيرها .فهذه تجوز بالقيود الآتية :
الشرط الأول : خلوُّها من القمار ، وهو الرهان بين اللاعبين .

الشرط الثاني : ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب، وعن الصلاة ، أو أي طاعة واجبة ، مثل برّ الوالدين .

الشرط الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه، أو يُعرف بين الناس بها، أو تكون وظيفته؛ لأنه يخشى أن يصدق على صاحبها قوله -جل وعلا- : ( الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم ) .

والشرط الأخير : ليس له قدر محدود، ولكن الأمر متروك إلى عرف المسلمين، فما عدُّوه كثيراً فهذا الممنوع . ويمكن للإنسان أن يضع لذلك حداً بنسبة وقت لعبه، إلى وقت جده، فإن كان النصف أو الثلث أو الربع فهو كثير .
والله سبحانه أعلم .

فضيلة الشيخ / خالد الماجد (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).


ما حكم لعبة الطاولة

الحمد لله

لا يجوز اللعب بما يسمى ب "الطاولة" لاشتمالها على "النرد" وهو محرم تحريما شديدا ؛ لما روى مسلم (2260) عن بريدة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ).

و"النردشير" هو تلك المكعبات المكتوب عليها أرقام ويلعب بها ، وتسمى "الزهر" .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قَالَ الْعُلَمَاء : النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ ... وَمَعْنَى ( صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا ) وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا " انتهى باختصار .

وروى أبو داود (4938) وابن ماجه (3762) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ). والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .

ورواه أحمد (19519) بلفظ : (من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله) وحسنه الأرنؤوط في تحقيق المسند .

وهذه الأحاديث تدل على تحريم اللعب بالنرد (الزهر) ، فكل لعبة دخل فيها الزهر فهي حرام، ولا يختص ذلك بلعب الطاولة .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/171) : " فصل في اللعب : كل لعب فيه قمار , فهو محرم , أي لعب كان , وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه , ومن تكرر منه ذلك ردت شهادته . وما خلا من القمار , وهو اللعب الذي لا عوض فيه من الجانبين , ولا من أحدهما , فمنه ما هو محرم , ومنه ما هو مباح ; فأما المحرم فاللعب بالنرد . وهذا قول أبي حنيفة , وأكثر أصحاب الشافعي " انتهى .

وقد نقل الزيلعي الإجماع على تحريم اللعب بالنرد . "تبيين الحقائق" (6/32) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/210) : " لا يجوز اللعب بالنرد ولو كان بغير عوض ، خصوصا إذا شغل عن أداء الصلاة في وقتها ، فالواجب ترك ذلك ؛ لأنه من اللهو المحرم " انتهى .

هذا حكم اللعب بالطاولة بصفة عامة ، فإن أضيف إلى ذلك اشتمالها على الرهان ، أو الحلف الكاذب ، أو إشغالها عن الصلاة ، كانت أشد تحريما .

والله أعلم .

حكم لعبة "الدومينو"

سئل علماء اللجنة الدائمة :ما حكم لعب " الورقة " و " الضومنة " عندما يكون المرء مؤديّاً كامل الحقوق ، والواجبات التي عليه ، وعدم الانشغال بها عن أمور العبادة ، وإنما مجرد تسلية مع الأهل ، أو الأصدقاء ؟ .

فأجابوا :

يحرم اللعب بـ " الورقة " ، وبـ " الضومنة " ، ولو لمجرد التسلية مع الأهل والأصدقاء ، ولْيشغلوا ذلك الوقت مما هو خير : كتلاوة القرآن ، ودراسة علم شرعي ، وإصلاح ذات البين ، ونحو ذلك ، مما يعود عليهم بالنفع ، وعلى الأمة بالخير .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 236 ، 237 ) ، وينظر : فتاوى اللجنة ( 15 / 207 – 209 ) .


أن لعبة " الدومينو " محرمة عند طائفة من أهل العلم ، وإذا قدر أنها ليست محرَّمة في ذاتها : فهي حرام في حق أولئك المسئول عنهم ؛ بما اقترن بها من المخالفات العديدة ، فهم :

1. ضيَّعوا أنفسَ أوقات عمرهم – عمر الشباب - في اللعب بها ، فضاعت بها أعمارهم .
2. ضيعوا أنفسَ أوقات الليل وهو الثلث الأخير من الليل ، والذي ينزل فيه رب العزة إلى السماء الدنيا ليغر للتائبين ، وليستجيب دعاء الداعين ، وهم في غفلة معرضون .
3. تسببوا في تضييع واجب ، وهو صلاة الجماعة .
4. استعملوا بيت الله لغير ما بُني له ، وما بني له فلم يشهدوه ! فبيت الله تعالى ليس نادياً ، ولا مضافة ، ولا مكان تسلية ، وهم قد جعلوه كذلك ، ولما حضرت الصلاة – وهو ما بني المسجد في الأصل له – غادروه ، ولم يشهدوها فيه .
5. استعملوا أموال الوقف الموقوفة على المصلين ، والمتعلمين ، والمعتكفين ، استعملوها في غير ما وقف لأجله .

والله أعلم

حكم لعب الورق من غير قمار


سئلت اللجنة الدائمة عن لعب الورق إذا كان لا يلهي عن الصلاة ومن غير أموال فأجابت :
اللعب بالورق لا يجوز ، ولو كان بغير عوض ، لأن الشأن فيه أنه يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة ، وإن زعم أنه لا يصدُّ عن ذلك ، ثم هو ذريعة إلى الميسر المحرم بنص القرآن ، قال تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة .

وهذه اللعبة لها أثر على المجتمع ، فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين : اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ، ويتفكك المجتمع بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات ، وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع ، فهي سبب في ترك الصلاة جماعة ، وينشأ عنها التباعد والتقاطع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات كما أنها مورثة للكسل عن طلب الرزق .

فتاوى إسلامية 4/436

أما تاريخ هذه اللعبة : فلا يُعلم على وجه التحقيق من هو الذي اخترع أرواق اللعب ( الكارتة ) أو متى وأين اخترعها ؟ فقد قيل إنها ذات أصل صيني أو هندي أو غير ذلك . على أن المؤرخين يجمعون على القول بأنها انتقلت من الشرق الأوسط إلى أوروبا في النصف الأخير من القرون الوسطى ، ويقول الخبراء أيضاً : إجماع الآراء بأن أوراق اللعب قد تطورت تطوراً واضحاً منذ ذلك الحين حتى الآن .

فقد ظهرت أوراق اللعب في القارة الأروبية بادئ ذي بدء في بلاد الأندلس ، وانتقلت معها إلى إسبانيا الشمالية في القرن الحادي عشر الميلادي .

وتتألف مجموعة أرواق اللعب في إسبانيا التقليدية من 40 ورقة تضم أرقام 1 إلى 7 ثم ثلاثة أشخاص أعلاهم رتبة هو النائب أي الوجيه ويليه في الرتبة وكيله ثم كاتبه أو فارسه .

وفي القرن السادس عشر طور الفرنسيون أوراق اللعب بحيث اقتصرت أشخاصها على الملك بدلاً من الوجيه ، والملكه بدلاً من نائب الوجيه ، والوصيف بدلاً من الفارس ، وأضافوا ثلاثة أرقام جديدة عليها ، فأصبحت تتألف من 52 ورقة ، وفي القرن السابع عشر أضاف الألمان شخصاً رابعاً وهو المهرج أو الجوكر .

وقد تقدمت الفتوى في حكم اللعب بها ويضاف لما تقدم أن اللعب بالورق تنعدم فيه المقاصد الإسلامية من مشروعية الترويح والترفيه ، فلا يكسب مهارة جهادية ولا خبرة علمية ولا فائدة اجتماعية ، أو استراحة نفسية تهدأ فيها الأعصاب وترتاح بها النفوس ، إنها لعبة مجردة من كل خير ، بل هي محض هرج وجدل وقتل وقت ، ترتكز على التخمين والحدس ، فشابهت النرد ، وتفضي إلى الخصام والشجار فشابهت الخمر والقمار .

وبناء على ما تقدم لا أبعد النجعة إن اخترت التحريم في حكمها على الكراهة ، قياساً على النرد والشطرنج بجامع التخمين في الأول والإفضاء إلى النزاع والخصام في الثاني .

وقد ذهب إلى نفس الاختيار الشيخ ابن حجر الهيثمي وبه قال علماؤنا المعاصرين الشيخ محمد بن صالح العثيمين من فقهاء الديار النجدية ، ونقله عن مشايخه ، بناء على إفضائها إلى العداوة والبغضاء ، والإلهاء الشديد والصدّ عن ذكر الله وضياع الأوقات وتفويتها في غير طاعة الله .

ويستأنس لصحة هذا الاختيار ما أصدره أحد ملوك فرنسا من أوامر تقتضي بمنع الناس من هذه العادة أثناء النهار ، وألقاء القبض على كل من يخالف هذا الأمر تحت طائلة القصاص . وذلك لما أدى إليه شغف الفرنسيين بهذه اللعبة ، إذ صاروا ينصرفون عن أعمالهم ومشاغلهم إلى لعب الورق .

ولم يكن القصاص الذي قرره هذا الملك يتعدى سجن المخالف مدة قصيرة ، ولكن ما لبث أن انضم إليه العامل الرادع في ضرب المخالف بالعصا ضرباً مبرحاً .
على أن هذه الأوامر وغيرها لم تستأصل عادة اللهو بورق اللعب سوى أن الناس فضلوا اللعب سراً لا علانية .
من كتاب قضايا اللهو والترفيه لمادون رشيد ص/ 185- 187.

الشيخ محمد صالح المنجد

هل لعب الشطرنج (المعروف حالياً) جائز شرعاً؟.

الحمد لله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :  (الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرم باتفاق العلماء كما لو شغل عن واجب كالصلاة ، أو ما يجب من مصلحة النفس أو الأهل ، أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين ، أو ما يجب فعله من نظرٍ في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الواجبات ، فإنه حرام بإجماع المسلمين . وكذلك إذا اشتمل على محرم كالكذب أو اليمين الكاذبة أو الخيانة أو الظلم أو الإعانة عليه أو غير ذلك من المحرمات فإنه حرام بإجماع المسلمين) اهـ بتصرف من مجموع الفتاوى (32/218، 240).

أما إذا لم يشغل عن واجب ولم يتضمن محرماً ، فقد اختلف العلماء في حكمه ، فذهب جمهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي) إلى تحريمه أيضاً . واستدلوا على تحريمه بأدلة من كتاب الله تعالى ومن أقوال الصحابة .

أما أدلة القرآن ، فقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91 .

قال القرطبي رحمه الله : هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج قمارا أو غير قمار لأن الله تعالى لما حرم الخمر أخبر بالمعنى الذي فيها فقال : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ) فكل لهو دعا قليلُه إلى كثيره وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه وصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر وأوجب أن يكون حراماً مثله اهـ الجامع لأحكام القرآن (6/291) .

وأما أقوال الصحابة :

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مَرَّ على قوم يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثييل التي أنتم لها عاكفون . قال الإمام أحمد : أصح ما في الشطرنج قول علي رضي الله عنه اهـ

وسئل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج فقال : هي شَرٌّ من النرد .

و (النرد) أو (النردشير) هو ما يعرف الآن بالزهر الذي تلعب به الطاولة وقد وردت الأحاديث بتحريمه.
روى أبو داود (4938) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (4129) .

وروى مسلم (2260) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَده فِي لَحْم خِنْزِير وَدَمه). قال النووي رحمه الله : وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ . وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه) أي: فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا ، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا اهـ.

أقوال بعض العلماء في تحريم الشطرنج :

قال ابن قدامة رحمه الله : وأما الشطرنج فهو كالنرد في التحريم اهـ . المغني (14/155).

وقال ابن القيم رحمه الله : (ومفسدة الشطرنج أعظم من مفسدة النرد ، وكل ما يدل على تحريم النرد فدلالته على تحريم الشطرنج بطريق أولى . . . وهذا قول مالك وأصحابه، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وقول جمهور التابعين . . . ولا يُعلم أحدٌ من الصحابة أحلها ولا لعب بها ، وقد أعاذهم الله من ذلك وكل ما نسب إلى أحد منهم من أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراء وبهت على الصحابة ، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة ، وكل عارف بالآثار ، وكيف يبيح خير القرون وخير الخلق بعد رسول الله اللعب بشيء صدُّه عن ذكر الله وعن الصلاة أعظم من صد الخمر إذا استغرق فيه لاعبُه، والواقع شاهد بذلك، وكيف يحرم الشارع النرد ويبيح الشطرنج وهو يزيد عليه مفسدة بأضعاف مضاعفة . . .) اهـ الفروسية (303، 305، 311).

وقال الذهبي رحمه الله : (وأما الشطرنج فأكثر العلماء على تحريم اللعب بها سواء كان برهن أو بغيره أما بالرهن فهو قمار بلا خلاف وأما إذا خلا عن الرهن فهو أيضا قمار حرام عند أكثر العلماء . . . وسئل النووي رحمه الله عن اللعب بالشطرنج أحرام أم جائز ؟ فأجاب رحمه الله تعالى : إن فوت به صلاة عن وقتها أو لعب بها على عوض فهو حرام وإلا فمكروه عند الشافعي وحرام عند غيره . . .) اهـ . الكبائر (89-90) .
للاستزادة يُنظر كتاب (تحريم النرد والشطرنج والملاهي) للآجري ، تحقيق محمد سعيد إدريس .
والله تعالى أعلم ،
الشيخ محمد صالح المنجد


وقفة تأمل مع اللعبة الشهيرة " ترافيان " ولاعبيها

السؤال : انتشر في الوقت الحاضر بين الشباب لعبة تسمى ترافيان ( Travian ) وطريقة اللعبة يقوم الشخص بالتسجيل ، ثم يقوم بوضع قرية له ، ثم يقوم بالغزو على القرى المجاورة ، بأخذ ما لديهم من قمح ، وخشب ، وغيره ، لكن يوجد بعض الشباب يقوم بدفع المال على اللعبة ، ثم يقوم دفع 50 ريالاً من أجل أن أكمل عنه اللعبة في الغزو ، وعمليات الصلح ، وغيره . أرجو منكم الإجابة في أقرب فرصة ، وجزاكم الله خيراً ، ويا ليت يتم وضع الفتوى على الموقع من أجل أن يستفيد الناس .

الجواب :

الحمد لله

أولاً: يخسر كثير من الناس في التفريط في نعمتين عظيمتين ، وهبهما الله تعالى لهم ، وأمرهم بالحفاظ عليهما ، واستثمارهما قبل أن يفوتا ، وقبل أن يأتي أجل المسلم ، ولا ينفعه ندمه ، ولا تحسره بعدها ، وهاتان النعمتان هما : الصحة ، والفراغ ، فترى ذلك الكثير من الناس ينخدع بصحته وعافيته ، ويغتر بقوته ونشاطه ، فيضيعهما فيما لا فائدة فيه .

عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : ( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ) .

رواه الحاكم ( 4 / 341 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 3355 ) .

والأكثر خسارة هو من يضيعهما في معصية الله تعالى ، وفعل المنكرات ، وإن لم يتدارك المسلم الأمر فيغتنم فراغه قبل شغله ، وصحته قبل سقمه ، وحياته قبل موته : ليوشكن على ندم وحسرة لا ينفعه بعدها بكاء ، ولا يقبل الله منه فداء ، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري ( 6049 ) .

قال الإمام بدر الدين العيني – رحمه الله - : " فكأنه قال : هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي : فقد غُبن صاحبُهما فيهما ، أي : باعهما ببخس لا تحمد عاقبته ، أو ليس له في ذلك رأي ألبتة ، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته : ففي زمن المرض بالطريق الأولى ، وعلى ذلك حكم الفراغ أيضاً ، فيبقى بلا عمل ، خاسراً ، مغبوناً .

هذا وقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش ، وبالعكس ، فإذا اجتمعا في العبد ، وقصَّر في نيل الفضائل : فذلك هو الغبن له كل الغبن ، وكيف لا والدنيا هي سوق الأرباح ، وتجارات الآخرة " انتهى .
" عمدة القاري " ( 23 / 31 ) .

فليحرص المسلم على وقته ، وليعلم أن ما يمضي من أيامه إنما يقترب به من قبره ، ونهاية حياته ، فالسعيد من اغتنم تلك الأيام ، والشقي من ضيعها .
قال الحسن البصري - رحمه الله - : " يا ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم : ذهب بعضُك " انتهى .

ثانياً: نأسف أن أوقات المسلمين تضيع باللهث وراء الألعاب التي ينتجها البطالون ، والكفار ، والتجار ، والذي يحرص جميعهم على استنفاد طاقاتنا ، وأموالنا ، فيما ينفعهم ، ويضرنا .

وهذه اللعبة الواردة في السؤال وإن كان المسلم لا يبذل من ماله شيئا يشتريها به ، فهو يستطيع لعبها مجاناً على الإنترنت ، فإنه يبذل فيها ما هو أنفس من ماله ، بل أنفس من كل نفيس ، ينفق فيها عمره وأيامه ، ويستهلك فيها طاقته وشبابه بما لا ينفعه ، فيضيع عمره على لا شيء .

وهي لعبة حربية ، يرمز اسمها – ترافيان – إلى قرية نموذجية ، يسميها أصحابها " معجزة العالَم " تحصن نفسها بالمواد الغذائية ، وبالدفاعات المناسبة ضد الأعداء ، وهذا بحد ذاته ليس فيه كثير شيء ضار ، لكنها قاتلة للوقت ، مضيعة للعمُر ؛ فقد يستمر اللعب بها أسابيع وشهوراً كثيرة ! ويصبح لاعبها مدمناً ، ينام ويستيقظ عليها ، وهذا ولا شك من أضر ما يكون على المسلم الذي خُلق في هذه الدنيا لغاية شريفة ، وهدفٍ نبيل سامٍ ، وهو توحيد الله تعالى ، وعبادته ، ويستلزم منه هذا أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من طاعات ، وأن يحجز نفسه عن الوقوع في المحرمات ، ولا شك أن تضييع العمر فيما لا نفع فيه ، وقتل الوقت بما لا يرى المسلم فائدته عند لقاء ربه : يخالف المقصود الذي خُلق من أجله ، وهو – كذلك – كفر بالنعَم الجليلة التي وهبها الله تعالى إياها ، كالصحة ، والفراغ .

هذا ، بالإضافة إلى ما في تلك اللعبة من العنف ، وهو ما يكسب لاعبها من الأخلاق السيئة الشيء كثير ، ولا يخفى تأثير الألعاب على تصرفات وأخلاق اللاعبين ، وبخاصة إن علمنا طول الوقت المستغرق في تلك اللعبة ، والتي تمتد إلى أشهر كثيرة ؛ الأمر الذي يجعل لاعبها يعتاد على هذه الأخلاق التي يمارسها في لعبته ، ويعتاد السطو على بلاد الآخرين وأموالهم ، بدلا من أن يعتاد الجهاد في سبيل الله ، وأخلاقه وآدابه .

وما فيها من قتل للوقت ، وتضييع له ، وما فيها من عنف : كافٍ في المنع منها ، والحث على تركها ، والتحذير منها ، ومن اطلع على فتنة الناس بها ، وعلى أثر تلك الألعاب الحربية على لاعبيها : لم يشك للحظة أن المنع منها هو الصواب .

وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بحرمة الشطرنج ، بناء على ما في لعبه لعبها من تضييع الأوقات ، في غير ما ينفع .

فقال رحمه الله : " هذه اللعبة لا شك أنها مما يلهي كثيراً ، ويستغرق وقتاً طويلاً على لاعبيه ، تمضي الساعات وهم لا يشعرون بها ، فيفوتون بذلك مصالح كثيرة ، ومن ثم قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : إن هذه اللعبة محرمة ، ولعله أخذه من قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب ، فإنه من اللهو الباطل المحرم .

وأيضاً فإنه يحدث بها من الضغائن بين اللاعبين إذا غبن أحدهم ما هو معلوم ، وربما يحصل بها نزاع ومخاصمة أثناء اللعب وشتمٌ وسباب ، وربما يحدث بها عوض ليس دراهم ، ولكن من نوعٍ آخر .
وعلى كل حال فالإنسان العاقل المؤمن المقدر لثمن الوقت لا ينزل بنفسه إلى اللعب بها والتلهي بها " انتهى .

فتاوى نور على الدرب (13/252ـ ترقيم الشاملة ) ، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام (1253) .

والله أعلم

الإسلام سؤال وجوابفنسأل الله أن يهدي شبابنا لما فيه رضاه ، وأن يصلح  قلوبهم ، وأن يستثمروا شبابهم ، وطاقتهم ، في حفظ القرآن ، وفي العلم الشرعي ، وفي الدعوة إلى الله .

 
 


عدد التعليقات على:" الألعاب بين الحلال والحرام" : "12"

مازن الرنتيسي يقول... @ ديسمبر 19, 2010 2:32 م

بسم الله وبعد
بوركت أخي وحبيبي في الله على الطرح الطيب بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وألهمنا الخير وفعله وأبعدنا عن المحرمات صغيرها وكبيرها

أخوك في الله / المنشد أبو مجاهد الرنتيسي

خلفان الحجي يقول... @ ديسمبر 19, 2010 2:51 م

شكرا لك على هذا الموضوع القيم
بارك الله فيك

Unknown يقول... @ ديسمبر 19, 2010 9:26 م

طرح طيب وقيم ويستحق التدبر
بارك الله فيك وأعزك
وأحسنت الاختيار والعرض

رشيد أمديون يقول... @ ديسمبر 19, 2010 11:14 م

السلام عليكم
كثيرة هي الألعاب التي تأخذ من المسلمين وقتهم كله، ولا تعود عليهم بالنفع إلا حرق الوقت، أسأل الله العافية.
جزاك الله خيرا.

Unknown يقول... @ ديسمبر 20, 2010 8:42 ص

@المنشد أبو مجاهد الرنتيسي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي في الله على المدخلة الطيبة وجزاك الله خير

Unknown يقول... @ ديسمبر 20, 2010 8:43 ص

@خلفان

بارك الله فيك أخي في الله على المدخلة الطيبة وجزاك الله خير

Unknown يقول... @ ديسمبر 20, 2010 8:44 ص

@محمد الجرايحى


بارك الله فيك أخي في الله على المدخلة الطيبة وجزاك الله كل خير

Unknown يقول... @ ديسمبر 20, 2010 8:45 ص

@أبو حسام الدين

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي في الله على المدخلة الطيبة وجزاك الله خير

ميكس ايجي يقول... @ ديسمبر 22, 2010 3:57 م

بارك فيك اخي الحبيب

نورالدين هاشمى يقول... @ يناير 04, 2011 1:00 ص

جزاك الله خيرا واتمنى التواصل

شهد يقول... @ مايو 17, 2011 2:37 م

جزاكم الله خيرا
موفقين ان شاء الله
شهد

Abu-Yumna Al-Shammakhi يقول... @ أكتوبر 06, 2011 12:39 م

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أشكرك أخي العزيز جزيل الشكر على الموضوع و جعله في ميزان حسناتك و نفع بكم الاسلام و المسلمين
أخوكم في الله .. أبو يمنى

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة