| 1 التعليقات ]




ظاهرة نراها غريبة وهي اصطحاب المصلين لبناتهم الصغار إلى المسجد في أوقات الصلاة ، وأغلبهن للأسف الشديد في لباس وهيئة متبرجة : تصفيف للشعر فاتن ، ولباس قصير لافت للانتباه ، ومغريات لمرضى القلوب ، ومن جهة أخرى ماذا عن تعويد هؤلاء البنات الصغار على مخالطة الرجال ولو في المسجد ؟ وما هو أثر هذه الظاهرة على تربية البنت والفتاة ؟ وما هو أثر تقليد البنات الصغار للمتبرجات والكاسيات العاريات الكبار برضى والديهما ؟ . و لا حول و لا قوة إلا بالله .


الجواب :

الحمد لله
أولاً:
إنه لا بأس أن يصطحب المسلم ابنته الصغيرة إلى المسجد في صلاة الجماعة ، على أنه ينبغي مراعاة أمور :
1. أن تكون صغيرة دون التمييز ودون البلوغ إذا كانت في صحبة والدها أو أخيها ، أما إذا اصطحبتها أمها أو أختها فيسقط هذا القيد .
2. أن لا يحصل منها تشويش على المصلين أو إيذاء لهم ، ويكون ذلك بتوجيهها بلطف .
3. أن يؤخذ بأسباب عدم تلويثها للمسجد ببول وغائط .
4. أن يتجنب والدها إلباسها الملابس الضيقة أو القصيرة ، وهذا من باب التربية على العفاف والستر ، ويشمل ذلك جميع أماكن وجودها ، ولا شك أن المسجد أولى الأمكنة باللباس الشرعي وتجنب الزينة .


والدليل على جواز إحضار البنات الصغيرات للمسجد ولو كنَّ دون سن التمييز : ما رواه أبو قتادة رضي الله عنه قال : خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ ، فَصَلَّى ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا .

رواه البخاري ( 5996 ) ومسلم ( 543 ) .


ولكن ليُعلم أن من كانت دون التمييز – حتى من الذكور – فإنه لا يؤمن جانبهم ، ولهذا لم يكن الأصل في الشرع إحضار من كان في مثل هذا السن للمسجد لعدم استفادته من ذلك من جهة ولوقوع الإيذاء والعبث منه – غالباً – من جهة أخرى ، إنما يكون هذا على سبيل الأمر الطارئ ، إما للحاجة ، أو الشيء الذي يحدث على قلة وندرة ، أو نحو ذلك ؛ وفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زينب لم يكن على سبيل العادة الدائمة ؛ بل جاء في رواية أن أمامة بنت زينب تعلقت بجدها صلى الله عليه وسلم عند خروجه للمسجد فحملها وجاء بها المسجد . 


قال الصنعاني رحمه الله : " فِي قَوْلِهِ: كَانَ يُصَلِّي، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لِأُمَامَةَ وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً وَاحِدَةً لَا غَيْرُ" انتهى من "سبل السلام" (1/211) .
فلا ينبغي الاستدلال بالحديث على إحضار المشاغبين والمشاغبات والمؤذين والمؤذيات لبيوت الله تعالى ، فإنه لو فرض وجود مصلحة من إحضارهم فإن مفاسد ذلك أعظم من المصالح بكثير ودفع المفاسد والحالة هذه يقدَّم على جلب المصالح .

قال ابن القاسم - رحمه الله - : " سُئِل مالكٌ عن الصبيان يُؤتى بهم المساجد ؟ قال : إن كان لا يعبث لصغره ويُكفُّ إذا نُهيَ : فلا أرى بهذا بأساً .
قال : وإن كان يعبث لصغره : فلا أرى أن يُؤتى به إلى المسجد " انتهى من " المدونة " ( 1 / 106 ) . 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " يُصانُ المسجد عما يؤذيه ويؤذي المصلين فيه ، مِن رفع الصبيان أصواتهم فيه ، وكذلك توسيخهم لِحُصُرِه ، ونحو ذلك ، لا سيما إن كان وقت صلاة ؛ فإن ذلك من عظيم المنكرات " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 204 ) .

وقال علماء اللجنة الدائمة : " أما إذا كان الطفل غير مميز : فالأفضل ألا يحضر إلى المسجد ؛ لأنه لا يعقل الصلاة ولا معنى الجماعة ولما قد يسببه من الأذى للمصلين .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد . 
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 5 / 263 ، 264 ) . 


ثانياً:


مما ينبغي معرفته في هذا الباب أن إحضار الأنثى لبيت الله تعالى ليس كإحضار الصبي الذكر ؛ وذلك أن المسلم يحتاج أن يعلِّم ابنه الصلاة ويربيه في بيت الله تعالى ويعوده على المجيء للمسجد ، لأن صلاة الجماعة في المسجد عند بلوغه واجبة عليه ، وليس الأمر كذلك بخصوص النساء عند بلوغهن ، بل إنه الشريعة قد رغَّبتهن أن يصلين في بيوتهن ، وجعلت ذلك أفضل من صلاتهن حتى في بيت الله الحرام والمسجد النبوي ، فاختلف أمر البنات الصغيرات عن الصبيان الذكور اختلافاً بيِّناً ، وما ذكره السائل من آثار سيئة من إحضار بعض المسلمين لبناتهم للمساجد صحيح ونقره عليه ، ولذا فإننا ننبه أولئك المصلين إلى أن اهتمامهم ينبغي أن ينصب في هذا الجانب على أبنائهم الذكور لما سبق ذِكره ، وليكن أمر البنات إلى الأمهات ؛ فتصلي البنت مع أمها في البيت ؛ لتعوِّدها على عدم الخروج من المنزل ، وتعلمها أن صلاتها في البيت أفضل من صلاتها في المسجد ، ولتعتاد على عدم الاختلاط بالذكور ، وهذه منافع عظيمة يجب على الأهل والمربين وطلاب العلم أن لا يغفلوها عند الحديث عن هذه المسألة . 

 والله أعلم



عدد التعليقات على:" هل يجوز اصطحاب البنات الصغار إلى المسجد ؟" : "1"

ليلى الصباحى.. lolocat يقول... @ يونيو 21, 2012 5:58 م

السلام عليكم

جزاك الله خيرا اخى حسن
بارك الله فيك
والله موضوع كثيرا ما تكلمنا فيه
نسأل الله الهداية لجميع المسلمين
تحياتى وتقديرى

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة