الزفاف آدابه ومنكراته
الحمد لله القائل في كتابه: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [الروم:21]
والصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم القائل: " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة "،
ويعد:
فإن لمن تزوج وأراد بأهله أموراً منها:
أولاً الآداب:
1 - وضع اليد اليمنى على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا تزوج أحدكم إمرأة أو إشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله عز وجل وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه " [رواه البخاري].
2 - يستحب لهما أن يصليا ركعتين معاً:
لما روي عن ابن مسعود أن النبي قال صلى الله عليه وسلم : " إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي فيّ اللهم إرزقهم مني وإرزقني منهم، اللهم إجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير " [أخرجه الطبراني وصححه الألباني].
3 - ما يقول حين يأتي أهله:
ينبغي أن يقول حين يأتي أهله: " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ".
قال النبي قال صلى الله عليه وسلم : " فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً " [رواه البخاري].
4 - إجتناب الأوقات والمواضع المنهي عنها:
لقوله صلى الله عليه وسلم : " من أتى حائضاً أو إمرأةً في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "[رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي وصححه الألباني].
5 - الوضوء أو الغسل قبل النوم والغسل أفضل:
لقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب إلا أن يتوضأ " [أخرجه أبو داود وحسنه الألباني].
6 - ما يحل له من الحائض:
يحل له أن يتمتع بما دون الفرج لقوله صلى الله عليه وسلم : " واصنعوا كل شيء إلا النكاح " [رواه مسلم].
فإذا طهرت جاز له وطؤها بعد أن تغتسل.
7 - النية في النكاح:
ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله صلى الله عليه وسلم : " وفي بضع أحدكم صدقة " قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ " قالوا: بلى، قال: " فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر " [رواه مسلم].
8 - تحريم نشر أسرار الإستمتاع:
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن أشر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجل يفضي إلى إمرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " [رواه مسلم].
9 - وجوب الوليمة:
لقوله صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف: " أولم ولم بشاة " [متفق عليه].
10 - وجوب إجابة الدعوة:
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " [رواه البخاري].
11 - إستحباب الدعاء لهما:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تزوج الإنسان قال: " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير " وفي رواية: " في خير " [قال الحاكم صحيح على شرط مسلم].
ولا يجوز التهنئة بقوله: ( بالرخاء والبنين ) لأنها من تهنئة الجاهلية وقد نهى الرسول عنها.
12 - الغناء والضرب بالدف:
ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط والغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور، لقوله صلى الله عليه وسلم : " فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف " [أخرجه النسائي والترمذي وقال الحاكم صحيح الإسناد].
أي أنه يجوز للنساء فقط بشرط الضرب بالدف فقط ولا يكون على ألحان الأغاني الماجنة ولا كلماتها.
ثانياً: المنكرات:
1 - دبلة الخطوبة:
قال الشيخ الألباني في كتاب آداب الزفاف:
( إن فيه تقليداً للكفار لأن هذه عادة قديمة عند النصارى ).
2 - الإسراف والبطر:
كم يثقل الرجل كاهله بالديون في سبيل المباهاة والتفاخر وله صور متعددة منها:
أ - بطاقات الدعوة والإسراف فيها.
ب - قصور الأفراح والفنادق والسفر لها من مدينة إلى أخرى.
ج - طرحة العروس التي يدفع فيها أموال طائلة للبسة واحدة رياءً وسمعة ولن تلبس بعدها.
د - التبذير في المأكولات ورمي الأطعمة وليس المقصود من ذلك إكرام الضيف وإنما البطر والمباهاة.
هـ - رمي الأموال تحت أقدام المغنيات فيما يسمى بالتنقيط في حين أن كثيراً من المسلمين يموت جوعاً.
و - الإسراف في الملابس النسائية وما ينفق فيها من مبالغ باهظة ثم تستنكف المرأة لبسها مرة أخرى لرؤية الناس لها، لكل هؤلاء نقول قفوا وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن الرسول يقول: { لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس } ثم ذكر { عن ماله من أين إكتسبه وفيما أنفقه } [رواه الترمذي وصححه الألباني].
3 - الغناء:
وهو حرام للأدلة التالية:
أ - من الكتاب، قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ لقمان:7،6].
قال ابن مسعود في هذه الآية: ( الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات ) وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة.
ب - من السنة، ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم ـ أي جبل ـ يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون إرجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ".
ويستحلون أي أنها محرمة، والمعازف هي الدفوف وغيرها مما يطرب كما في ( القاموس ). وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام " [أخرجه أبو داود وصححه الألباني].
والكوبة: الطبل.
ج - من أقوال الصحابة، قال ابن عباس رضي الله عنه: ( الدف حرام والمعازف حرام، والكوبة حرام والمزمار حرام ) [أخرجه البيهقي وصححه الألباني].
د - من أقوال السلف، قال الحسن البصري: ( ليس الدفوف من أمر المسلمين في شيء وأصحاب عبدالله ـ يعني ابن مسعود ـ كانوا يشققونها ).
وذكر الشيخ الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب إتفاق الأئمة الأربعة على تحريم آلات الطرب.
4 - عدم إجابة الدعوة إذا كان فيها منكر:
والدليل: عن علي بن أبي طالب قال: صنعت طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، فقلت: يا رسول الله ما أرجعك بأبي وأمي قال: " إن في البيت ستراً فيه تصاوير وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير " [رواه ابن ماجه بسند صحيح]،
إستفاد العلماء من ذلك أن الدعوة إذا كان فيها منكر فإنها لا تجاب. وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: ( لا تدخل وليمة بها طبل ومعزاف ).
5 - حلق اللحى:
وهو ما ابتلي به كثير من الرجال حتى صار من العيب عند البعض أن يدخل على العروس وهو غير حالق فيتزين بمخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: " خالفوا المشركين وفرّوا اللحى واحفوا الشوارب " [متفق عليه].
والأمر في الحديث يفيد الوجوب ولا قرينة تصرفه عن الوجوب فحلق اللحية حرام وفاعله آثم وقد أفتى علماؤنا بذلك لما فيه من تشبه بالكفار وتشبه بالنساء ومخالفة لأمر الرسول.
6 - المنكرات النسائية:
أ - نتف الحواجب: وهو مما حرمه رسول الله ولعن فاعله بقوله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله الواشمات والمستوشمات والواصلات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله " [متفق عليه]
ويدخل في ذلك كل من غير خلق الله للحسن.
ب - قص الشعر: وهو ثلاث حالات:
الأولى: إن كان على هيئة رأس الرجل فإن ذلك حرام ومن كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال وقال: " ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه والمرأة المتشبهة بالرجال والديوث "[رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد].
الثانية: إذا كان قصاً لا يصل إلى هذا الحد فالأرجح عند الإمام أحمد أنه مكروه.
الثالثة: إذا قصته على وجه يشبه قص الكافرات فإنه حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم " [رواه أبو داود وأحمد وحسنه الألباني].
ج - الملابس الخليعة وحب الفخر والشهرة بها: وهي الملابس الخارجة عن المألوف إما لضيقها أو لكونها مفتوحة الصدر والساقين بحجة أنها أمام النساء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لهن ولأمثالهن: " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن رحيها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " [رواه مسلم].
أي عليهن كسوة ولكن لا تستر إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها وقال صلى الله عليه وسلم: " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً " [رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني].
د - العطر: قال صلى الله عليه وسلم: " أيما إمرأة إستعطرت فمرّت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية " [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].
هـ - التصوير: فقد قال صلى الله عليه وسلم: " كل مصور في النار " [رواه مسلم]. فما بالك في الصور التي أقل ما فيها أنها ترى من أصحاب محلات التحميض.
وفي الختام
فإن من إفتتح حياته بإتباع السنة وتجنب المنكرات فإنه يرجى له أن يختم له بالسعادة ويكون من عباد الله الذين وصفهم الله أن من قولهم:
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } [الفرقان:74]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمي
إرسال تعليق